تاريخ نشر الفتوى هو 3 اغسطس 2009
وضع مجمع الفقه الإسلامي الدولي حداً للفتاوى المختلفة حول من يسمح له بالصوم من عدمه من مرضى السكري حيث ألزم المجمع المرضى في بعض الحالات بالإفطار في رمضان لأنه لا يجوز لهم الصيام للضرر المتحقق من الصيام أثناء مرضهم وجاءت قرارات المجلس وتوصياته على النحو التالي: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد دورته التاسعة عشرة في (دولة الإمارات العربية المتحدة) بناء على وثيقة التعاون القائم بين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، وذلك انطلاقاً من الاتفاقية الموقعة بين الجهتين، وبعد تكليف المجمع للمنظمة بالقيام بدراسة (مرض السكري وصيام رمضان)، وبناءً على معطيات الندوتين اللتين عقدتهما المنظمة.وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص استكمال بحث موضوع مرض السكري والصوم، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، وبعد عرض الجوانب الطبية والفقهية لأثر الصوم على مرضى السكري، قرر ما يلي:
أولاً: تعريف موجز لمرض السكري:هو اختلال في نسبة السكر في الدم اختلالاً مرضياً وعلى وجه الخصوص ارتفاع النسبة فوق المعدل الطبيعي، وينتج مرض السكري عن فقدان هرمون الإنسولين الذي تفرزه خلايا خاصة خلايا (ب) في البنكرياس أو عن قلة كميته او قلة استجابة خلايا الجسم له في بعض الحالات.
ثانيا: أنواع مرض السكري: يندرج تحت ما يسمى بمرض السكري عدة أنواع تختلف عن بعضها بعضا اختلافا كبيرا في الأسباب وطرق العلاج، وهي كما متفق عليه من تسميات وتصنيفات لدى المؤسسة الطبية العالمية المتخصصة في مرض السكري:
1- السكري من النوع الأول (Dibetes Mellitus Type I) المعتمد على الانسولين ولجرعات متعددة في اليوم.
2- السكري من النوع الثاني (Diebetes Type II). غير المعتمد على الانسولين.
3- سكري الحمل (Gestitional Diabetes).
4- انواع أخرى منها:
أ- السكري الناتج عن بعض امراض البنكرياس.
ب- السكري الناتج عن اختلالات هرمونية، وخصوصا في الغدد النخامية والكظرية وخلايا في البنكرياس.
ج- السكري الناتج عن بعض الأدوية.
ثالثا: تصنيف مرض السكري طبيا:
تم تصنيف مرض السكري طبيا إلى اربع فئات على النحو الآتي:
الفئة الأولى
المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرة جدا للمضاعفات الخطيرة بصورة مؤكدة وتتميز اوضاعهم المرضية بحالة أو اكثر مما يأتي:
• حدوث هبوط السكر الشديد خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق شهر رمضان.
• المرضى الذين يتكرر لديهم هبوط وارتفاع السكر بالدم.
• المرضى المصابون بحالة (فقدان الإحساس بهبوط السكر) وهي حالة تصيب بعض مرضى السكري، وخصوصا من النوع الاول الذين تتكرر لديهم حالات هبوط السكر الشديد ولفترات طويلة.
• حدوث مضاعفة (الحماض السكري الكينوني) او مضاعفة (الغيبوبة السكرية) خلال الشهور الثلاثة التي تسبق شهر رمضان.
• السكري من النوع الأول.
• الأمراض الحادة الاخرى المرافقة للسكري.
• مرضى السكري الذين يمارسون مضطرين أعمالا بدنية شاقة.
• مرضى السكري الذين يجري لهم غسيل كلى.
• المرأة المصابة بالسكري اثناء الحمل.
الفئة الثانية
المرضى ذو الاحتياجات الكبيرة نسبيا للمضاعفات نتيجة الصيام والتي يغلب على ظن الأطباء وقوعها وتتمثل اوضاعهم المرضية بحالة أو أكثر مما يأتي:
• الذين يعانون من ارتفاع السكر في الدم كأن يكون المعدل (180-300مغم/دسل، (10ملم-16.5ملم) ونسبة الهيموغلوبين المتراكم (المتسكر) التي تجاوز 10%.
• المصابون بقصور كلوي.
• المصابون باعتلال الشرايين الكبيرة (كأمراض القلب والشرايين).
• الذين يسكنون بمفردهم ويعالجون بواسطة حقن الأنسولين أو العقارات الخافضة للسكر عن طريق تحفيز الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس.
* الذين يعانون من أمراض أخرى تضيف أخطاراً إضافية عليهم.
• كبار السن المصابون بأمراض أخرى.
• المرضى الذين يتلقون علاجات تؤثر على العقل.
حكم الفئتين الأولى والثانية:
حالات هاتين الفئتين مبنية على التأكد من حصول الضرر البالغ أو غلبة الظن بحصوله بحسب ما يقدره الطبيب الثقة المختص، فيتعين شرعاً على المريض الذي تنطبق عليه إحدى الحالات الواردة فيهما ان يفطر ولا يجوز له الصيام، درءاً للضرر عن نفسه، لقوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة من الآية: 195]، وقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء من الآية: 29]، كما يتعين على الطبيب المعالج ان يبين لهم خطورة الصيام عليهم، والاحتمالات الكبيرة لإصابتهم بمضاعفات قد تكون -في غالب الظن- خطيرة على صحتهم أو حياتهم.
وعلى الطبيب ان يستنفد الإجراءات الطبية المناسبة التي تمكن المريض من الصوم دون تعرضه للضرر.
تطبق أحكام الفطر في رمضان لعذر المرض على أصحاب الفئتين الأولى والثانية عملاً بقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة من الآية: 184]. ومن صام مع تضرره بالصيام فإنه يأثم مع صحة صومه.
الفئة الثالثة
المرضى ذوو الاحتمالات المتوسطة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام ويشمل ذلك مرضى السكري ذوي الحالات المستقرة والمسيطر عليها بالعلاجات المناسبة الخافضة للسكر التي تحفز خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين.
الفئة الرابعة
المرضى ذوو الاحتمالات المنخفضة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام ويشمل ذلك مرضى السكري ذوي الحالات المستقرة والمسيطر عليها بمجرد الحمية أو بتناول العلاجات الخافضة للسكر التي لا تحفز خلايا البنكرياس للأنسولين بل تزيد فاعلية الأنسولين الموجود لديهم.
حكم الفئتين الثالثة والرابعة:
لا يجوز لمرضى هاتين الفئتين الإفطار، لان المعطيات الطبية لا تشير إلى احتمال مضاعفات ضارة بصحتهم وحياتهم بل ان الكثير منهم قد يستفيد من الصيام.وعلى الطبيب الالتزام بهذا الحكم وان يقدر العلاج المناسب لكل حالة على حدة. ويوصي بما يأتي:
1- الأطباء مطالبون بالإحاطة بقدر مقبول من معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع، وهذا يقتضي إعداد هذه المعلومات من الجهات ذات الصلة وتعميمها على المعنيين بها.
2- الفقهاء والدعاة مطالبون بإرشاد المرضى الذين يتوجهون إليهم طالبين الرأي الشرعي، بضرورة استشارة أطبائهم المعالجين الذين يتفهمون الصيام بأبعاده الطبية والدينية، ويتقون الله لدى إصدار النصح الخاص لكل حالة بما يناسبها.
3- نظراً للأخطار الحقيقية الناتجة عن مضاعفات مرض السكري على صحة المرضى وحياتهم، فإنه يجب اتباع جميع الوسائل الممكنة للإرشاد والتثقيف، بما فيها خطب المساجد ووسائل الإعلام المختلفة، لتوعية المرضى بالأحكام السابقة، ذلك أن زيادة مستوى الوعي بالمرض وأصول التعامل معه يخفف كثيراً من اثاره، ويسهل عملية تقبل الاحكام الشرعية والنصائح الطبية لمعالجته.
4- ان تتولى المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي إصدار كتيب ارشادي حول هذا الموضوع باللغة العربية وغيرها والعمل على نشره بين الأطباء والفقهاء، وعرض مادته العلمية على صفحة الانترنت ليطلع عليه المرضى للاستفادة منه.
5- مطالبة وزارات الصحة في الدول الإسلامية بتفعيل البرامج الوطنية في مجال الوقاية والمعالجة والتوعية بمرض السكري واحكامه الشرعية.